Arabs Without God: Chapter 6

الفصل السادس: امتيازات الدِّين
الفصل السابع: مسلمٌ للمرة الأولى مسلمٌ دائماً
الفصل الثامن: الحقّ في الإساءة
الفصل التاسع: طعمُ الحريّة؟
الفصل العاشر: سياسات الإلحاد
المصادر والملاحظات
مقدمة
الفصل الأول: إنكار الله وهدمُ المجتمع
الفصل الثاني: الإلحاد في التاريخ العربي
الفصل الثالث: كتابُ الله
الفصل الرابع: خسارتهم لِدينهم
الفصل الخامس: الإلحاد والجنس

الجزء الثاني: حماية الدين

الفصل السادس: امتيازات الدِّين

يصوم كلّ مسلمٍ بالغٍ في شهر رمضان من شروق الشمس إلى غروبها، ويُفترَضُ أنّ يهدف الصيام إلى ضبط النفس وتهذيبها، لكنه عندما يتمّ تحت التهديد بالاعتقال فإنَّه يصبح انصياعاً أكثر من كونه ضبطاً للنفس، فاستخدام القانون لضمان الصّيام يقوّض الغرض الأخلاقيّ من رمضان كما هو الحال في العديد من الدُّول العربيّة التي يهمّهما الحفاظ على المظاهر فحسب.

تتميّز دول الخليج بكونها الأكثر صرامة بفرض الصيام على النَّاس في شهر رمضان، والعقوبة الدّارجة هي السجن لمدة شهر أو دفع غرامة ماليّة أو كلاهما معاً، وينطبق هذا على الجميع بغض النّظر عن ديانتهم بذريعة أنّ رؤية شخص ما يفطر على الملأ تمثل إساءة للمسلمين حتى لو كان الفاعل غير مسلم، فمثلاُ في الكويت حيث معظم السّكان هم من الأجانب، كما أنّ نسبة غير المسلمين فيها تبلغ نحو 20٪ من مجموع السّكان، 1 يجب على المطاعم والمقاهي أنّ تُغلَقَ أبوابها أثناء النهار، بينما يُسْمَحُ لمحلات السوبّرماركت أنّ تبقيها مفتوحة، وفي دبي تتمّ الإهابة بالعامّة للانتباه لأيّ شخص يأكل أو يشرب أو يدخّن حتى لو كان في سيارته الخاصّة وإبلاغِ الشرطة عنه؛ ووفقا لشرطة دبي، اعتُقل27 شخصاً بين عامي 2005 و2009 لأنهم أفطروا على الملأ، منهم أوروبيون غير مسلمين.

أمّا في مصر ذات الأقليّة الكبيرة المسيحيّة، فلا يوجد قانون يُلْزِمُ النَّاس بالصيام، ومع ذلك شنّتِ السُّلُطات حملة قمع سنة 2009، حيث اعتُقِلَ أكثرُ من 150 شخص في محافظة أسوان وتمّ إغلاق المقاهي والمطاعم في منتجع الغردقة الواقع على ساحل البحر الأحمر كما اعتقل سبعة شبان في منطقة الدلتا لأنهم ضُبِطوا وهم يدخّنون في الشارع وغُرِّم كلّ شخص بمبلغ 500 جنيه (أو ما يعادل 90 دولار أمريكي)، وقد بدا أنّ موجة الاعتقالات كانت من تدبير بعض ضباط الشرطة المتدينين، لكن السُّلُطات دعمت هذه الاعتقالات على أساس أنّ الإفطار هو شكل من أشكال "قلة الأدب" بحسب قانون العقوبات المصريّ، كما أيّد رجال الدِّين معاقبة أولئك الذين يفطرون في الأماكن العامة، وقد قال الشيخ عبد المعطي بيّومي، عضو مركز البحوث الإسلاميّة في الأزهر: “النَّاس أحرار بعدم الصوم، لكن في بيوتهم، أمّا القيام بذلك في العلن فهو ليس مسألة حريَّة شخصيّة... بل ينمّ عن استخفاف بالصائمين وبشهر رمضان وبالصيام باعتباره واجباً دينياً إلزامياً." 2

إنّ الاعتقال بسبب التجاوزات في رمضان أمرٌ يتكرر في الجزائر أيضاً رغم أنّ هناك نقاشاً عاماً عمّا إذا كان ينبغي اعتبار الصيام شأناً قانونياً أم متعلقاً بالضمير الشخصي. فقد اعتُقِل ستة من سكان بلدة "بسكرة" لتناول الطعام ولعب الورق خلال النهار في شهر رمضان سنة 2008 وتمّ تغريم كلٍّ منهم مبلغ 120 ألف دينار (1770 دولار أمريكي) رغم أنّ قاضي محكمة الاستئناف ألغى الحكم في وقت لاحق قائلاً أنّهم انتهكوا الأحكام الدستورية لحرية المعتقد. وفي قضية منفصلة أُدين ثلاثة رجال في الجزائر بالتدخين خلال شهر رمضان، وكانت عقوبتهم السجن لمدة ثلاث سنوات خُفِّضَتْ إلى شهرين بعد استئناف الحُكم. وفي سنة 2011 سُجِنَ مجموعة من عمال البناء لتناولهم الطعام خلال شهر رمضان رغم أنهم أكّدوا أنهم غير مسلمين. وعادة ما تحدث اعتقالات عند كسر النّاس للصيام في الأماكن العامّة، ولكن الحادثة الأكثر غرابة كانت دخول الشرطة الجزائرية منزلاً في مدينة "أقبو" بعد تلقيها بلاغاً واعتقلت شباناً كانوا يتناولون الطعام داخل المنزل.

أمّا في المغرب فقد شَرَعت "الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية" في سنة 2009 بتحدّي المادّة 222 من قانون العقوبات التي تقول:

"إن الشخص المعروف بأنّه ينتمي للدّين الإسلاميّ ويكسر الصيام في مكان عام خلال في شهر رمضان دون مبررات مقبولة يُعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة تتراوح بين 12 و120 درهماً (أو ما يعادل 1.5 -50 دولار أمريكي.)"

قرّرت هذه المجموعة التي تنظم نشاطها من خلال موقع فيسبوك تناول الطعام في نزهة في مكان عام مستشهدين بالدستور المغربي الذي يضمن الحريّة الدينيَّة لجميع المواطنين وبالمادة 18 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والذي وقّعت عليه المغرب، واختاروا غابة تقع خارج المحمدية للتقليل من مخاطر أنّ يُنظر إلى عملهم هذا على أنّه استفزاز، وكان هذا العمل أول احتجاج سُجل ضد قانون رمضان في البلاد. وَصفَ موقع أخبار مغربي ما حدث كما يلي:

"كان الاجتماع في محطة قطار المحمدية على بعد أميال قليلة من الدار البيضاء. وقال سبعون شخصاً أنهم سيحضرون لكن استطاع اثنا عشر شخصاً فقط الوصول إلى المكان بعد اختراق طوق من رجال الأمن، وقد قالت زينب الغزاوي، وهي صحفيّة، وإحدى مؤسِّسي الحركة مع ابتسام الأشقر وهي طبيبة نفسانية: "لقد فوجئنا بالوجود المكثّف لرجال الشّرطة". أكثر من مِائة ضابط، بما في ذلك الشرطة وقوات مكافحة الشغب وأفراد من الجيش، حاصروا المحطة ومحيطَها؛ وتقول الأشقر: "كان علينا أنّ نريهم حقائب الظهر وعندما شاهد رجال الشرطة الطعام الذي أحضرناه معنا أجبرونا على العودة إلى الدّار البيضاء على متن القطار التالي.

كما تصدّت قوات الأمن لمجموعات من الشّباب المحليّين الذين كانوا يحاولون مواجهة المفطرين ... تضيف السّيّدة الغزاوي: كان هدفنا أنّ نظهر بأننا مغاربة لكن لا نصوم وبأن لدينا الحق في الوجود، ورغم أنّ الدُّستور المغربي يضمن حريَّة العبادة إلّا أنّه في كلّ عام هناك اعتقالات للمفطرين علناً.

تحدثت السّيّدة الغزاوي عن قضيّة مواطن اعتقل في مدينة فاس وسُلِّم إلى الشرطة من قبل حراس الأمن المدنيين في العام الماضي لأنّه شرب الماء في الشارع، لكن أفرج عنه بعد ساعات بعد أنّ حضر أهله وأكّدوا أنّه مصاب بداء السكري." 3

أمّا في الجزائر فقد حدثت احتجاجات أكثر نجاحاً سنة 2013 على إثر استجواب قوات الأمن لثلاثة شبان لكسرهم الصيام. أغضبَ هذا الأمر سكاّن مدينة تيزي أوزو، وهي مدينة ذات أغلبيّة بربريّة يغلب عليها الطّابع العلمانيّ نسبيّاً، وتاريخها حافل بالتّوتّرات مع الحكومة المركزيّة، فأقاموا مأدُبة غداء علنيّة في رمضان حضرها نحو 300 شخص. يقول بوعزيز آيت شبيب، وهو رئيس حركة الحكم الذاتي القبليّة المحليّة: "لقد دعينا إلى هذا التجمع للتنديد باضطهاد المواطنين الذين يُعتقلون بسبب معتقداتهم ورفضهم للصوم."

أنّ تجريم النَّاس لمجرَّد تناولهم الطعام في وضح النهار هو مجرَّد مثال بسيط عن الامتيازات الخاصّة التي تمنحها الحكومات العربيّة للإسلام، وهي امتيازات تتّسم بالتحيّز ضد أتْباع الأديان والمعتقدات الأخرى، وضدّ من لا معتقد لهم ولا دين. غالباً ما تلقى ممارسات كهذه قبولاً لدى الرّأي العامّ، وبدلاً من منحِ الأولوية لمكافحة التمييز، تسمح الحكومات بالمحاباة والتمييز بين أفراد الشعب، فتساعد بالتالي على إضفاء الشرعية على التمييز في التصرفات الفردية.

يُعتبَر عمّال المنازل غير المسلمين كاليهود والمسيحيّين أنجاساً في نظر بعض المسلمين، مما يعني أنّه لا يُسمَح لهم بطهي وجبات الطعام للأسرة. يقول حسن، وهو بحريني: "أمي لا تستأجر خادمة إنّ لم تكن من الأديان الإبراهيمية"، فتدّعي بعضُ عاملات المنازل أنّهن مسيحيّات، فقط من أجل الحصول على عقد عمل، لكن الأمر في غاية الوضوح، فأغلبهن من نيبال أو الهند أو سريلانكا وأسماؤهن تدل بوضوح أنهن غير مسيحيات. "كان لدينا خادمة أعتقد أنها بوذية، ولذلك قام والدي بطبع صورة من الإنترنت للسيد المسيح وقال لها: "ضعيها في غرفتك لتثبتي أنك مسيحية بالتأكيد في حال فتشتها زوجتي." 4

غير أنّ ذلك لم يرضِ أمّ حسن التي استمرّت الشّكوك تساورها بأنّ الخادمة بوذيّة وليست مسيحيّة، فاستغنت عن خدماتها في نهاية المطاف. ورفَضَت وكالة التّوظيف التي استقدمت الخادمة أنّ تستعيدها بذريعة أنّ العوائل الأخرى لن توظّفها لأنّها تركت وظيفتها. يضيف حسن: "لذا اشترى أبي لها تذكرة سفر إلى نيبال وأعطاها مبلغاً صغيراً من المال كمساعدة. وقد أعاد عمّي خادمة هنديّة لأنّها كانت هندوسية."

إنّ الإسلام هو "دين الدَّولة" في الجزائر والبحرين ومصر والعراق والأردن والكويت وليبيا وموريتانيا والمغرب وعُمان وقطر والمملكة العربيّة السّعوديّة وتونس والإمارات العربيّة المتّحدة واليمن. والصفة الرسميّة للإسلام في الجزائر والمغرب هي أنّه مادةٌ في الدُّستور لا يمكن تعديلها.

والشّريعة الإسلاميّة في الدُّستور اليمنيّ هي "مصدر جميع التشريعات"، وفي سلطنة عمان هي "أساس التشريع"، بينما في مصر هي "المصدر الرَّئيس للتشريع"، أمّا في البحرين والكويت وسوريا وقطر ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة فهي "مصدر رئيس للتشريع". ينص الدُّستور العراقيّ الذي تمَّ وضعه بعد استفتاءٍ جرى سنة 2005 أنّ الإسلام "مصدر أساسيّ للتشريع" وأنَّه "لا يمكن سنّ أيّ قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، لكن ما يثير الحيرة هو أنّ هذا الدُّستور ذاتَه ينصّ على وجوبِ إلّا يتعارض أيّ قانون مع "مبادئ الديمقراطية" أو "الحقوق والحريّات الأساسيّة" المنصوصِ عليها في مواضعَ أخرى في الدُّستور. هذه البنود من الدُّستور التي قد تتعارض فيما بينها تعكس ضغوطاً سياسيّة متنافرة حين صياغته؛ والتوفيق فيما بينها عند تطبيق هذا الدُّستور ليس بالأمر الواضح.

أمّا دستور ما بعد الثّورة في تونس ففيه تضارب على نحو مماثل، ففي حين أنّه يَعِدُ "بِحريّة الضّمير والمعتقد" إلّا أنّه ينصُّ بأنَّ الدَّولة يجب أنْ "تحمي المقدسّات وتمنع أيّة إساءة لها." لقد أدّت صياغة الدُّستور الجديد في تونس إلى كثير من الجدل، وعلى حدّ تعبير آمنة جولالي، من منظمة هيومن رايتس ووتش، كانت صياغة الدُّستور الجديد أشبهَ بالمهمّة المستحيلة في التوفيق بين رؤيتين مختلفتين جذرياً في المجتمع التونسيّ، فتقول: "من ناحية، يلبّي الدُّستور مطالب جمهور متديّن يرى في الحكومة الحارس والحامي لكلِّ القيم المقدّسة، ومن ناحية أخرى ينصُّ الدُّستور على مجتمعٍ يترك لكل شخص حريَّة اختيار الدِّين دون أن يتدخّل في ذلك." 5

في الممالك العربيّة يُفترض بمن يعتلي العرش أنّ يكون مسلماً، وهو ما ينصُّ عليه الدُّستور في الأردن والكويت وعُمان وقطر، وفي بعض الجمهوريّات العربيّة كالجزائر وموريتانيا وسوريا وتونس واليمن ينصُّ الدُّستور على أنْ يكون الرَّئيس مسلماً - في اليمن يجب أنّ يكون مسلماً وملتزماً - وبالتّالي يُطبَّق مبدأ التمييز الدينيّ على رئيس الدَّولة. أمّا في لبنان تبدو الصّورة أكثر تعقيداً بسبب وجود مزيج من الأديان والطوائف، لكن مع ذلك هناك تمييز، فالرّئيس يجب أنْ يكون مسيحيّاً مارونياً، ورئيسُ الوزراء مسلماً سنيّاً، ورئيسُ البرلمان مسلماً شيعيّاً، رغم عدم وجود دين للدَّولة.

إنّ حرمان غير المسلمين من منصب الرئاسة قد لا يبدو أمراً يستحقّ الذِّكر؛ لأنّه في حكم المؤكّد تقريباً سيتم اختيار مسلم لشغل هذا المنصب؛ إلّا أنّ ذلك يخالف مبدأ المساواة في الحقوق لجميع المواطنين، وقد بَرزت هذه المشكلة أثناء المناقشات حول دستور ما بعد الثّورة في تونس حيث غابت هذه النقطة عن نجيب الغربي، المتحدّث باسم حزب النّهضة الإسلاميّ، عندما قال: "الإسلام هو دين غالبيّة التّونسيّين، والدّين الرسميّ لتونس هو الإسلام ولذلك من الطبيعيّ بالنسبة لرئيس للبلاد أن يكون مسلماً." صحيح أنّ الأغلبيّة السّاحقة من التونسيين هم مسلمون - بالاسم على الأقل - إلّا أنّ هناك فرق كبير بين أن نقول أنّه على ميزان الاحتمالات سيكون الرَّئيس التونسي مسلماً على الأرجح وبين القول أنّ الرَّئيس يجب أنْ يكون مسلماً. وكان بيانٌ سابقٌ للنّهضة قد بيّن أنّ أفراد الجالية الصّغيرة من يهودِ تونس "هم مواطنون يتمتعون بجميع الحقوق والواجبات" ولكن عندما يتعلق الأمر بالرّئاسة فمن الواضح أنّ الأمر ليس كذلك. 6

ولوضع هذه النُّقطة في سياق أوسع، فإنَّ تسعةً وأربعين بلداً في جميع أنحاء العالم لديها نوعٌ من الشروط الدينيَّة لرئيس الدَّولة وفقاً لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center). وإنّ تسع عشرة دولةً من هذه الدُّول - ستة عشر عضواً في الكومنولث البريطاني بالإضافة إلى الدنمارك والنرويج والسويد - لديها ملك مسيحيّ شرفيّ دون أيّ سلطة سياسيّة. ومن بين البلدان التي يكون لرئيس الدَّولة فيها دورٌ أكثر من شرفيّ، فإنَّ سبع عشرة دولة تشترط أن يكون المَلِكُ أو الرَّئيس مسلماً وهذه في معظمها تقع في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا، في حين يحدّد الدُّستور في كلّ من أندورا ولبنان أنْ يكون رئيس الدَّولة مسيحيّاً، وبوذيّاً في كلّ من بوتان وتايلاند، أمّا في إندونيسيا فيجب على الرَّئيس أنّ يؤيد "البانجاسيلا Pancasila" وهي فلسفة سياسيّة توحيديّة تقوم عليها الدَّولة. أمّا في ثمانية بلدان أخرى، بما فيها بوليفيا والمكسيك والسّلفادور، فيُشترط أن يكون الرئيس علمانياً لأن الدستور يَمنعُ رجال الدِّين من استلام منصب رئيس الدَّولة. 7

إنّ وجود الأديان الرسميّة في جميع أنحاء العالم ليس أمراً غير مألوف أبداً، فقد وجدت دراسة أُجريَت سنة 2004 أنّ خمساً وسبعين دولةً من أصل 188 دولة مستقلة (أيّ ما نسبته 40%) لديها دين للدَّولة. 8 في بعض الحالات - كما في معظم الدُّول العربيّة - يظهر هذا في الدُّستور بوضوح، غير أنّ الصّورة ليست دائماً واضحة جدّاً، ففي حالات كهذه قد تدعم الحكومة ديناً معيناً بطرق مختلفة كدعمه مالياً أو من خلال نظام التّعليم. كما أنّ وجود دينٍ للدَّولة يعني أشياء مختلفة في بلدان مختلفة، فتأثير الدين على الحياة اليوميّة في بريطانيا، على سبيل المثال، ضئيل إلى حدّ ما؛ بينما في الدُّول العربيّة فتأثيره كبير جداً.

رغم أنّ ديانات الدُّولة لا تتعارض مباشرة مع القانون الإنسانيّ الدّوليّ، لكنّها في الممارسة العمليّة تؤدي لا محالة إلى انتهاك الحقوق، فقد بيّن تقرير خاصّ أعدّته الأمم المتّحدة حول حريَّة الدِّين والمعتقد سنة 2011 ما يلي:

"إنّ مجرَّد وجود دين للدَّولة قد لا يتعارض بحدِّ ذاته مع حقوق الإنسان، لكن يجب ألّا يُسْتَغَلَّ هذا المفهوم على حساب حقوق الأقليّات فيؤدي إلى التمييز على أساس الدِّين أو المعتقد... في الواقع يبدو من الصعب - إنّ لم يكن مستحيلاً - أنْ نتصور وجود تطبيق لمفهوم "دين الدَّولة" الرسميّ من دون آثار سلبيّة على الأقليّات الدينيَّة، إذْ سيكون هناك تمييز تجاه أفراد هذه الأقليّات." 9

وبصرف النّظر عن الجو العامّ للتديّن، هناك تفسيرات سياسيّة لانتشار ديانات الدَّولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أحدها هو أنّ معظم هذه الحكومات لم يتم انتخابها بحريّة وبالتّالي تحتاج إلى البحث عن مصادر أخرى للشّرعيّة، فالمؤهلات الدينيَّة، إنْ وجدت، يمكن أنْ تكون بديلاً مفيداً. وهكذا فملك المملكة العربيّة السّعوديّة يُلقب بخادم الحرمين الشّريفين وهو اللقب الذي ينبغي أنْ يُذكر أولاً وفقاً للبروتوكول السّعوديّ قبل أنْ يشار إليه بأنّه الملك، كما أنّ ملكي كلٍّ من المغرب والأردن يستخدمان المؤهّلات الدينيَّة لكن بدرجةٍ أقلّ، فالعاهل الأردنيّ عبد الله الثّاني يتباهى بأنّه "ينحدر من الجيل الثالث والأربعين من أحفاد النبيّ محمّد" وأنّه الوصيّ الرسميّ على المسجد الأقصى في القدس والذي يعتبر ثالث أقدس موقع في الإسلام، أمّا ملك المغرب فيلقب بأمير المؤمنين.

كما أنّ وجود دين للدَّولة يوفّر ذريعة قانونيّة للسّلطات للتدخّل في الشّؤون الدينيَّة واستثمار بعض السلطة فيها، كتوظيف رجال الدِّين المؤيدين للنظام مثلاً في مراقبة مضمون الخطب الدينيَّة، وعندما تواجه تحديّات خطيرةً من حركات المعارضة الإسلاميّة تلجأ هذه الحكومات إلى الادّعاء بأحقيتها الأخلاقية أحياناً، أو حتى بأنها موكلةٌ بحماية الإسلام، وعادة ما يكون القصد من وراء ذلك استرضاءَ الإسلاميين أو حتى تقويضهم لكن هذه الحكومات لا تنجح في ذلك دائماً وقد يؤدّي ذلك إلى استلام الإسلاميين زمام المبادرة بسهولة كلّما تعلّق الأمر بالدّين.

في سنة 1991 غيّر صدّام حسين، الذي لم يكن معروفاً بالورع أو التقوى، علَم العراق بإضافة عبارة "الله أكبر" إلى العلم بخطّ يده، فاعتُبِرَ ذلك محاولةً منه لتعزيز مؤهّلات النّظام الإسلاميّة قبل بضعة أيامٍ فقط من بدء الحرب التي أدّت إلى إخراج القوات العراقيّة من الكويت.

تُقدّم سوريا تحت حكم آل الأسد مثالاً مثيراً للاهتمام عن نظام استطاع صوغ شكل معين من الدِّين وشجع عليه، رغم أنّه علمانيّ نسبيّاً، فرغم أنّ النظام البعثيّ بشكل خاصّ لم يكن دينيّاً أبداً، إلّا أنّ هيمنة الأقليّة العلويّة - التي تُعتبر عادةً واحدةً من فِرَقِ الطائفة الشيعية - قد يشكّل نقطة ضعف يمكن استغلالها من قبل المعارضين للنّظام، أيّ أنّ العلويّين ببساطة مهدّدون بأنْ يتمَّ وصفهم بالمهرطقين.

استجاب حافظ الأسد لهذا التّهديد بطرق شتّى، وأوّل شيء قام به هو محاولة السّيطرة على الأغلبيّة السنيّة بدفعها نحو أشكال "مقبولة" من الإسلام الذي لا يشكّل أيّ تهديد لنظامه أو إلى العلويّين، وهو ما يشرحه "تورستاين وورين Torstein Worren" بقوله:

"لقد أدرك حافظ الأسد أنّه من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد عليه تقديم تنازلات للسنّة، فسعى من خلال ما أطلق عليه "الحركة التصحيحيّة" إلى إعادة الإصلاحات العلمانيّة الأكثر راديكاليّة والخاصّة بأنظمة البعث السّابقة، كما قام باستمالة رجال الدِّين بمنحهم سلطة أكبر في الميدان الاجتماعيّ وذلك لكي يحدَّ من نفوذهم في المجال السياسيّ، بالتّالي، وبدلاً من بناء مجتمع علمانيّ حقيقيّ، أسّس حافظ الأسد دولة علمانيّة ظاهريّاً ولكنّها ليستْ كذلك في مسائل الأسرة، وقانون الأحوال الشخصيّة، فكانت هذه المسائل خاضعة لأحكامٍ دينيّة خاصّةٍ بكل طائفة دينيّة، أيْ أنّ المسلمين يُحكَمون بالشريعة الإسلاميّة والمسيحيّين بقوانين الكنيسة."

وفي الطرف المقابل كان على حافظ الأسد إعادة التّعريف بالعلويّين على أنّهم من عامّة المسلمين، فعلى سبيل المثال، لم يسمح للعلويّين بإقامة المحاكم الدينيَّة الخاصّة بهم، بل تحكمهم أحكام الشريعة التي تحكم السنّة.

ويساعد هذا في شرح النّظرة الرسميّة - ولكن المضللة - من الإسلام التي تمَّ تدريسها في المدارس السوريّة. يضيف "تورستاين وورين":

"إنّ الإسلام في الكتب المدرسيّة هو الإسلام السنيّ التقليديّ، وليس هناك أيّ ذِكر للأقليات المسلمة التي تعيش في سوريا ولا للإسلام الشّيعيّ بشكلٍ عامٍّ ولا حتى للمدارس الفكرية المختلفة في الإسلام السنيّ، كما لا تشير هذه المناهج إلى وجود تنوعٍ داخل الإسلام، وبالتّالي لا يوجد في سوريا أيُّ ذِكر للطّائفة العلويّة في المدارس التي تمثّل خلاصة الخطاب الرسميّ، بل يتم تصنيفها ضمناً في الإسلام. لذلك فإنَّ السوريّين لا يتعلّمون شيئاً عن معتقدات بعضهم البعض والفروقات بينها؛ وما يعرفونه أو يظنّون أنّهم يعرفونه يقوم على الشّائعات والقصص التي يتداولها الأصدقاء والأقارب." 10

يرى الملحد السّوري هاشم الشّامي أنّ اتّباع هذه السّياسة ساهم في بروز الخصومات الطّائفيّة إلى السطح منذ ذلك الحين، حيث يقول: "لقد أبقى النظام الجميعَ رهينة لرؤيته بامتناعه عن تثقيف النَّاس حول الطّوائف الأخرى وبمنعه الطّوائف من أنْ تعرف المزيد عن بعضها البعض، فكلما قلّ ما تعرفه عن شخص ما تزداد صعوبة أنْ تتقبلهم كأقران؛ وإنّ الحرب الأهليّة المستمرة في سوريا وازدياد حدّة الطّائفيّة هو نتاج عقود طويلة من هذه السّياسات." 11

إنّ للربط بين الدِّين والدّولة تاريخٌ طويلٌ حول العالم، وليس أقلُّه في أوروبا، فالفصل بين الكنيسة والدّولة ليس كاملاً في أوروبا رغم الانخفاض الكبير والمطِّرد لعدد مرتادي الكنائس ورغم كون المجتمع علمانيّاً إلى حدّ كبير الآن؛ فرئيس الدَّولة في بريطانيا مثلاً هو رأس الكنيسة الأنغليكانية في الوقت ذاته، كما أنّ بريطانيا أبقت على قانون التّجديف حتى سنة 2008، لكنَّ تطبيق هذا القانون كان نادراً جدّاً في المِائة سنة التي سبقت إلغاءه. تتمتع الكنائس في دول أوروبيّة كثيرة بامتيازات منحتها إياها الدَّولة، كالامتيازات الضريبيّة أو التّمويل من خلال الضّرائب التي تُجمع لصالح هذه الكنائس، كما أنّ المدارس الدينيَّة موجودةٌ جنباً إلى جنب مع التّعليم الحكوميّ. لكن، ورغم ذلك، تُعتبر الرّوابط بين الدِّين والدّولة في أوروبا أقلَّ أهميّة بكثير ممّا هي عليه في الدُّول العربيّة اليوم.

على عكس ما هو عليه الحال في دول أوروبيّة كثيرة، يوجد في الولايات المتّحدة فصلٌ رسميّ بين الدِّين والدّولة لكن الأخيرة لا تزال متديّنة جدّاً اجتماعياً، وحتى سياسياً. إنّ هذا النّموذج الأمريكيّ يدحض فكرة أنّ الدِّين ينحسر تلقائيّاً في مجتمع متقدم ومتطور من النّاحية التكنولوجيّة. وإذا كان الأمر كذلك، فيجب أنْ يكون هناك تفسير آخر لشعبيّةِ الدِّين في الولايات المتّحدة وتراجعِ شعبيّتِه في أوروبا نسبيّاً.

وقد اقتُرِحت نظريّاتٌ عدَّة لتفسير هذا الاختلاف الذي تقف وراءه عدّة عوامل، ولكن "عامل الارتياح" قد يكون ذا أهميّة خاصّة، فهنالك الكثير من الأدلّة، في جميع أنحاء العالم، على أنّ انعدام الأمن يجذب النَّاس نحو الدِّين. إنّ خدمات الرّعاية الاجتماعيّة التي تقدمها الحكومة الأمريكيّة أقلُّ بكثير ممّا تقدمه غالبيّة الحكومات في أوروبا رغم أنّ الولايات المتّحدة بلد مزدهر، وبالتّالي يمكن القول أنّه في الوقت الذي يَقصد فيه الأوربيون الدَّولة للحصول على هذه الرعاية، فإنَّ الأمريكيين يلتمسونها من باب الدِّين، إلا أن البعض يَعْزُوْنَ ذلك إلى التنوّع العرقيّ والثقافيّ في الولايات المتّحدة حيث عامل الارتياح، مرة أخرى، قد يكون مهماً، أضف إلى ذلك أنّه يمكن ملاحظة رواج الدِّين بين الأميركيّين السّود، حيث تُوفِّر كنائسُ السّود الدّعم الاجتماعي والتضامن في وسط يمكن اعتباره في كثير من الأحيان بيئة معادية. 12

وفيما يتعلق بتوفير الدِّين "لعامل الراحة" فالدّول العربيّة هي أكثر قرباً إلى الولايات المتّحدة منها إلى أوروبا حيث يزدهر الدِّين بوضوح في الشّرق الأوسط حيث الفقر والاضطرابات وانعدام الأمن الاجتماعي، وقد اكتسبت الحركات الإسلاميّة قوَّتها من خلال تقديم خدمات الرعاية الاجتماعيّة التي فشلت الحكومات في توفيرها؛ غير أنّ دولَ الخليج الغنيّة تشكّل استثناء في هذا الطرح لأنها توفّر رعاية اجتماعيّة أكثر شمولاً مما يعني أنّ الدِّين قد ينحسر هناك إذا ما غاب الدّعم الحكوميّ القوي له (أي للدين).

وهناك نظريّة أخرى قد تنطبق على الدُّول العربيّة، فهي - أيّ النّظريّة - تنظر إلى الدِّين على أنّه سوق تُمنح فيه دياناتُ الدَّولة حقّ الاحتكار أو الحماية من المنافسة؛ وقد كان "آدم سميث Adam Smith"، الخبير الاقتصاديّ الذي عاش في القرن الثامن عشر، أولَ من نظر إلى الدِّين من هذا المنظور:

"يرى "سميث" أنّ الجانب الأبرز في دين الدَّولة هو ترويجها للموقف الاحتكاريّ للدّين المفضّل، ويعمل هذا الترويج جزئيّاً من خلال فرض قيود على دخول المنافسين، وجزئياً من خلال الإعانات. تركز دراسة "سميث" على الآثار السلبيّة الناجمة عن المواقف الاحتكاريّة للكنيسة الأنغليكانيّة في انجلترا والكنيسة الكاثوليكيّة في بلدان أخرى، ويرى أنّ محتكري الخدمات الدينيَّة يميلون - كما هي حال جميع الاحتكارات - إلى أنّ يصبحوا خاملين وغيرَ مبدعين، ونتيجة لذلك تنخفض جودة الخدمة والمشاركة الدينيَّة." 13

وقد تمَّ التعمّق في دراسة هذه النُّقطة في الآونة الأخيرة، وخاصّة بواسطة "رودني ستارك Rodney Stark" و"روجر فينك Roger Finke" في كتابهما "ممارسات الإيمان". 14 أمّا الجانب الآخر من الحجّة فهو أنّه في حين أنّ الأديان التي ترعاها الدَّولة محكومة في نهاية المطاف بفقدانها لأتباعها، إلّا أنّ "السّوق الحرّة" في الإيمان تُجبر الأديان على الاعتماد على نفسها، وتسمح لها بالازدهار، طالما أنها تبذل المزيد من الجهد لإرضاء "زبائنها". ومن أبرز الأمثلة على ذلك الولاياتُ المتّحدة. وفيما يتعلق بالدّول العربيّة، توحي النّظريّة آنفةُ الذِّكر أنّ دعم الدَّولة لا يخدم الإسلام على المدى البعيد، رغم أنّ خدمة الإسلام ليست بالضرورة غايةَ الدّعم الذي تقدمه الدَّولة؛ أمّا في الممارسة العمليّة، فنادراً ما تتبنّى الحكوماتُ الدِّينَ بدافع من الخير فيها، إنّما بسبب المصالح السّياسيّة التي تأمل أنْ تجنيها من وراء ذلك.

إنّ الامتيازات التي تمنحها الحكومات العربيّة للدّين تثير قضايا محدّدةً فيما يتعلق بالتعليم، فالدّول الموقِّعة على العهد الدّوليّ للحقوق المدنيّة والسّياسيّة عليها ضمان التّعليم الدينيّ والأخلاقيّ للأطفال "وفقاً" لقناعات ذويهم، وهذا يعني - من بين أمور أخرى - أنّ لهم الحقّ في الانسحاب في حال كان نوع التّعليم الدينيّ الذي تقدّمه الدَّولة يتعارض مع معتقدات الوالدين. يُذكر أنّ جميع الدُّول العربيّة موقّعة على هذه الاتفاقيّة باستثناء عُمان وقطر والمملكة العربيّة السّعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة.

ومن المهمِّ هنا التمييزُ بين التربية الدينيَّة والإرشاد الدينيّ، فالإرشاد الدينيّ هو تدريس دينٍ أو معتقدٍ معيّنٍ بناءً على مبادئه، وغالباً ما يطلب العامّة ذلك كما وردَ في تقرير للأمم المتّحدة:

"يرى كثير من الآباء أنّ تطوير المعارف والمهارات الاجتماعيّة لدى أطفالهم من خلال التّعليم المدرسيّ سيكون غير مكتمل ما لم يتضمّن حِسّاً بالوعي الدينيّ والتعرّف على دينهم أو معتقدهم، وبالتّالي فإنَّ توفير الإرشاد الدينيّ في نظام التّعليم الحكوميّ قد يكون مبنيّاً على رغباتٍ صريحةٍ أو ضمنيّةٍ لتيّارات كبيرة من سكّان البلاد." 15

غير أنّ التّقرير قد ذهب إلى القول بأنّ الإرشاد الدينيّ في أنظمة التّعليم الحكوميّة "يجب أنّ يصاحبه ضمانات محددة" للأقليات الدينيَّة وأنْ يحترم قناعاتِ الآباءِ والأوصياءِ الذين لا يؤمنون بأيِّ دين، ويضيفُ أنّ إمكانيّة الانسحاب من هذه الأنظمة لا ينبغي أنْ تكون مرتبطةً "بإجراءاتٍ بيروقراطيّةٍ مرهقةٍ" أو بعقوبات.

وفي حين يهدفُ الإرشاد الدينيّ إلى تعريف التلاميذ بالتقاليد الدينيَّة الخاصّة بهم، تهدف التربية الدينيَّة إلى توسيع معارفهم حول مختلف الأديان والمعتقدات؛ ومن هذا المنطلق، فإنَّ توفير المعلومات حول الأديان الأخرى لا يُعتبر جزءاً من التربية الدينيَّة، بل هو أقربُ إلى التخصّصات الأخرى كالتّاريخ أو العلوم الاجتماعيّة. وهذا النّوع من التّعليم، في حال تمَّ بطريقة محايدة، سيكون له أثر إيجابيّ في الحثّ على التسامح ومكافحة التحيز. يضيف تقريرٌ للأمم المتّحدة:

"ينبغي للمعلومات حول الأديانِ والمعتقداتِ أنّ تتضمّن دائماً الرؤيةَ الحاسمةَ بأنّ الأديان - بوصفها واقعاً اجتماعياً - غيرُ متجانسةٍ. ذات الأمر ينطبق على النُّظُم العقائديّة غيرِ الدينيَّة. إنّ لهذه الرّسالة أهميّةً خاصّةً، لأنّها تساعد في تفكيك المفاهيم القائمة على عقليّةٍ جماعيّة والتي غالباً ما يتم نسبُها إلى جميعِ أتباعِ الدياناتِ أو المعتقداتِ المتنوعةِ بطريقةٍ سلبيّةٍ ونمطيةٍ ...

من المهمّ أنْ ترسم الكتبُ المدرسيّةُ وغيرُها من الموادّ صورةً معقّدةً للدّيانات أو المعتقدات المختلفة وتعدّديّتها الداخليّة، وعلاوةً على ذلك، يجب الاهتمام دائماً بالأصوات البديلة الموجودة في التّقاليد الدينيَّة، بما في ذلك أصوات النّساء ... لا يمكننا إدراك حقيقة التنوّع بين البشر إلّا عندما نتغلّب على التصوّرات والفهم المتجذّر في داخلنا." 16

هنالك اختلافاتٌ أساسيّةٌ – قد لا يمكن التوفيق بينها - بين فكرة استخدام التّربية الدينيَّة لتوسيع أُفُق الطّلاب، وبين ما يحدث بالفعل في الكثير من المدارس العربيّة؛ حيث يمكن أنْ يكون للتّدريس تأثيرٌ عكسيّ في تعزيز التعصّب والتصوّرات المتجذّرة، فالقانون الأساسيّ للمملكة العربيّة السّعوديّة ينصُّ صراحةً على استخدام نظامِ تعليمٍ "يغرس العقيدة الإسلاميّة في جيل الشباب"؛ كما أنّ المحاولات في أماكن أخرى لاعتماد نهج مختلف قد تلقى معارضةً شديدة. بعد الإطاحة بنظام القذافي في ليبيا، على سبيل المثال، طالب المفتي صادق الغرياني بإحداث تغييرات في الكتب المدرسية الجديدة بما في ذلك إزالة فقرة تقول أنّ النَّاس أحرار في اختيار دينهم. 17

أمّا الكويت، ورغم أنّها موقِّعةٌ على العهد الدّوليّ للحقوق المدنيّة والسياسيّة، إلّا أنّ حقَّ الانسحاب من نظام تعليميّ معيّن كما هو منصوص عليه في هذا العهد غيرُ مسموح به إلّا في حال اختيار الآباء للتعليم الخاصّ، وتفرض الحكومة الإرشاد الدينيّ الإسلاميّ على جميع الطلاب في المدارس الحكومية وهي إرشادات تستند إلى حدّ كبير على التّفسير السّنّي للإسلام بالرغم من وجود أقليّة شيعيّة كبيرة تقدر بشكل غير رسميّ بنحو 30 -40٪ من مجموع السّكان، بل إنّ بعض الكتب المدرسيّة "تصف بعض المعتقدات والممارسات الدينيَّة الشيعية بالهرطقة." 18 أمّا في العراق، الموقِّع أيضاً على العهد ذاته، فلا يُفرض على الطّلاب غير المسلمين المشاركة في الإرشاد الدينيّ في المدارس الحكومية، على الأقل من الناحية النظرية؛ إلّا أنّ هنالك تقارير عن ضغوط يمارسها المدرسّون وزملاء الدراسة على الطّلاب غير المسلمين للمشاركة في هذا الإرشاد، كما وردت أنباء عن إجبار بعض الطلاب غير المسلمين على المشاركة ولم يُسمح لهم بمغادرة الفصول الدراسية خلال دروس الإرشاد الدينيّ. 19

يتمّ تسجيل الانتماء الدينيّ للمواطنين على بطاقات الهويّة الوطنيّة في عدد من الدُّول العربيّة، وهذا أمر مثير للجدل؛ وقد وصَفه تقرير أعدَّته الأمم المتّحدة بأنّه "يتعارض نوعاً ما مع حريَّة الدِّين أو المعتقد المعترف بها عالمياً." وتبرر السُّلُطات ذلك الأمر بأنها بحاجة الى معرفة دين النَّاس لأنّه يتمّ تطبيق أنظمة قانونية مختلفة على أديان مختلفة في مجال قانون الأحوال الشخصيّة كالزّواج والطّلاق والميراث وحضانة الأطفال... الخ، ولكن في حالة الأقليّات الدينيَّة فإنَّ تسجيل الانتماء الدينيّ على بطاقات الهويّة يفتح الباب أمام التمييز من قبل المسؤولين والشّرطة وغيرهم.

وبصرف النّظر عن مسألة ما إذا كان يجب على أيّ شخص أنّ يكشف عن دينه، يمكن أنّ تنشأ، خاصّةً على المستوى العمليّ، صعوباتٌ خطيرةٌ في حال أراد شخصٌ ما تغييرَ دينه أو اختار ألّا يلتزمَ بأيّة عقيدة كانت. ففي مصر يجب على الجميع، وبموجب القانون، الحصولُ على بطاقة هويّة عند بلوغهم سن السّادسة عشرة مما يضع المسؤولين الحكوميّين في موقف قويّ للغاية بشأن إصدار بطاقات الهويّة والديانة التي يتم تسجيله عليها، وبدون بطاقة الهويّة يصبح المصريّون عملياً غير مواطنين وبالتّالي لا يستطيعون العمل بشكل قانونيّ ولا الدراسةَ بعد المرحلة الثانويّة ولا التصويتَ ولا فتحَ حساب مصرفيّ ولا الحصولَ على رخصة قيادةٍ ولا شراءَ الممتلكات أو بيعها ولا استلامَ الراتب التقاعديّ ولا السّفر.

قد يكون من المألوف للمصريّين أنْ يغيروا ديانتهم، وقد يقومون بذلك عن قناعة، ولكن في كثير من الأحيان يقدمون على ذلك بسبب الزواج من شخص من دين مختلف؛ حيث يوجد في مصر أقليّة مسيحيّة كبيرة ووفقاً للشّريعة الإسلاميّة لا يمكن لامرأة مسلمة أنّ تتزوج من رجل غير مسلم، كما يعتنق المسيحيّون الإسلام في بعض الأحيان لغرض الطلاق لأنّ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة تفرض قوانين مشدّدة في الطلاق.

إن اعتناق الإسلام سهل جدّاً في مصر من الناحية العملية، أمّا العكس فهو أكثر صعوبة بكثير، فقانون الأحوال المدنيّة المصريّ يقول إنّ للمواطنين الحقُّ بتغيير المعلومات الشخصيّة في بطاقات الهويّة بما في ذلك انتماؤهم الدينيّ، وذلك ببساطة عن طريق تسجيل التفاصيل في وزارة الداخلية. من الناحية النّظريّة لا يمكن للوزارة رفض ذلك لكن المحاكم والمسؤولين قالوا في بعض الأحيان أنّ تسجيل الارتداد عن الإسلام قد يرقى إلى ارتكاب "خطيئة" الرِّدّة وبالتّالي يرى هؤلاء أنّ التحول عن الإسلام أمرٌ غير دستوريّ، لأن الدُّستور ينصّ على أنّ الإسلام هو دين الدَّولة، ويرى آخرون أنّ التحول من الإسلام إلى المسيحيّة يعكس "ازدراءً" "لدين سماويّ" وهذا مخالف للقانون في مصر، كما يرون أنّ ذلك يشكّل تهديداً للنّظام العامّ. تؤدي الرِّدّة عن الدِّين في بعض الأحيان إلى أعمال عنف إذا علم العامّةُ بأمرها، لكنّ هذا، إلى حدّ ما، نتيجةٌ لفشل الحكومة في معالجة مسألة الطّائفيّة وعدم تعزيز تلك الحكومة لمبدأ التسامح مع التنوع الدينيّ. لقد علّقت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير يدرس تدخل الدَّولة في الحريّة الدينيَّة في مصر قائلةً:

"إنّ المصريّين الذين يولدون مسلمين ويعتنقون المسيحيّة يواجهون ازدراءً اجتماعياً كبيراً ومضايقاتٍ رسميةً كذلك، ولذلك فإنَّ عدداً قليلاً جدّاً ممن يتحوّل من الإسلام إلى المسيحيّة يبادر لاتخاذ الخطوات الرسميّة الّلازمة لتعديل وثائق الهويّة الخاصّة بهم لتعكس دينهم الجديد وفقا لما يسمح به قانون الأحوال المدنية. وقد هاجر عدد غير محدّد إلى بلدان أخرى، ومنهم من يعيش خِفْيَةً بوثائقَ مزورةٍ... قال بعض الذين أعلنوا تحولهم على الملأ أنهم اعتُقِلُوا مِنْ قِبَلِ مسؤولي الأمن بتهمة انتهاك النّظام العامّ، وتعرضوا في بعض الحالات للتعذيب." 20

كما وَجدت منظّمة هيومن رايتس ووتش أنّ بعض المسيحيين في مصر تمَّ تحويلهم إلى الإسلام من قبل السُّلُطات الرسميّة بطريق الخطأ، ودون علمهم أحياناً، حتى أنّ المسؤولين قد يغيرون لهم أسماءهم في حال كانت أسماؤهم الأصلية توحي بأنهم غير مسلمين.

من بين هذه الحالات حالة فادي نجيب جرجس المولودِ في عائلة مسيحيّة في الإسكندريّة. عندما كان عمره خمس سنوات تحوّل والده إلى الإسلام وترك المنزل واعتمد اسمَ شُهرةٍ إسلاميّاً، لأن اسمَ شهرتِه "جرجس" (أيّ جورج) تدلّ بوضوح على أنّ حاملَه مسيحيٌّ؛ غير أنّ فادي واصل استخدام اسم الشهرة جرجس وهو اسم الشهرة المكتوب في شهادة ميلاده واعتبر نفسه مسيحياً. انتقل فادي في التاسعة عشرة من عمره إلى القاهرة للعمل، وتقدم بطلبٍ للحصول على بطاقة هويّة جديدة، ويقول في ذلك:

"كانت هويتي الورقيّة مهترئةً، وأردتُ الحصول على بطاقة الهويّة الوطنية ... لكنّهم أوقفوني بسبب اسمي فلم يكن اسم الشهرة جرجس مُدْرَجَاً في سجلاتهم، بل عبد الحكيم - وهو اسم شهرة والده الإسلاميّة الجديدة - كما كان الدِّين مدرجاً بشكل خاطئ حيث أدرجوا اسمي على أنّي مسلم ثم اتهموني بتزوير هويّتي وشهادة ميلادي وشهاداتي الدراسيّة أيضاً، بل واتّهموني بأنّي كنت أحاول التحوّل من الإسلام إلى المسيحيّة، فصادروا وثائقي ونقلوني إلى مكتب النّيابة العامّة." 21

احتُجِزَ فادي خمسةَ أيامٍ ثم أُطْلِقَ سراحُه بعد تدخّل البابا القبطيّ، وأسقط المدعي العام في نهاية المطاف تهمةَ التزوير لعدم كفاية الأدلّة، وطلب منه إعادة تقديم طلبِ الحصول على بطاقة الهويّة لكن طلبه قوبل بالرّفض مرّة أخرى.

في الأيّام التي كان فيها الموظّفون الحكوميّون يملؤون خانات بطاقات الهويّة باليد كان من الممكن في كثير من الأحيان إقناعهم بوضع خط في خانة "الدِّين" أو تركها فارغة، لكن في سنة 1995 بدأت مصر بإصدار بطاقاتِ الهويّة عن طريق الكمبيوتر؛ وكان نظام الكمبيوتر يسمح بثلاثة خيارات فقط في خانة "الدِّين" وهي مسلم أو مسيحيّ أو يهوديّ، وهي الدّيانات "السماويّة" الثّلاث، ما يعني أنّ كلّ من يرفض قبول أحد هذه الخيارات لا يحقّ له الحصول على بطاقة الهويّة.

وبصرف النّظر عن أولئك الذين يفضّلون عدم الالتزام بأيّ دين، كان النَّاس الأكثر تضرّراً من هذا الأمر هم أتباع الطائفةِ البهائيّةِ الذين يُعتقد أنّ عددهم يبلغ نحو ألفَيْ شخص في مصر. في سنة 2006 ذهبَ حسام عزّت محمود وزوجته إلى المحكمة فحصلا في بادئ الأمر على الحقّ في تسجيل نفسيهما وابنتيهما كبهائيين، لكنّ ذلك أزعج المسلمين والمحافظين، ولذلك قرّرت الحكومة استئناف الحكم، ثم ألغتِ المحكمة الإداريّة العليا قرار المحكمة الدنيا بذريعة أنّ البهائيّة ليست ديانة معترفاً بها وأنّ من يعتنقها مرتدٌّ. استقبلَ الجمهور الذي حضر المحكمة الحكمَ بصيحات "الله أكبر! النصر للإسلام"، وكتب صحفيّ في صحيفة الجمهوريّة مقالاً قال فيه:" إذا تمَّ الاعتراف بالبهائيّة رسميّاً، فإنَّ عَبَدَةَ البقر والشمس والنار سيطالبون بذلك أيضاً."

وبصرف النّظر عن اعتبارها فرقة مهرطقة من الإسلام، فالبهائيّة لا تحظى بشعبيّة في مصر بسبب ارتباطها غير المقصود بإسرائيل، ففي سنة 1868 وبعد أنْ أُبْعِدَ عن بلده الأم إيران، قام الأتراكُ بنفي مؤسِّس هذه الديانة ويُدعى بهاء الله مع أسرته ومجموعةٍ صغيرةٍ من أتباعه إلى مدينة عكّا، ونتيجة لذلك تمَّ إنشاء المقر الدّوليّ لهذه الديانة في عكّا والتي أصبحت فيما بعدُ جزءاً من إسرائيل. وفي ستينيات القرن العشرين سحب الرَّئيس جمال عبد الناصر اعتراف الدَّولة بالطّائفة البهائيّة وصادر ممتلكاتِهم، وفي سنة 1975 أكّدت المحكمة العليا قرار عبد الناصر من خلال إصدار قرار ينصّ على أنّ الديانات "المُنزلة" الثلاث هي المحميّةُ بالدستور دون سواها، ورغم السّماح للبهائيّين باعتناق معتقدهم ذاك، لكن ممارسة العقيدة البهائيّة اعتُبِرَتْ حينئذٍ "تهديداً للنظام العام."

غير أنّ البهائيّين واصلوا معركتهم القانونيّة المتعلّقة ببطاقات الهويّة؛ وفي سنة 2008 أمرت محكمةُ القضاء الإداريّ وزارةَ الداخليّة بوضع خطٍّ على بطاقات الهويّة وشهادات الميلاد في خانة الانتماء الدينيّ للمواطنين البهائيّين، ولم تستأنفِ الحكومةُ المصريّةُ القرار بعد ذلك.

يُنظَّم الزّواج في لبنان وفقاً لعادات وتقاليد 18 طائفةً معترفاً بها رسميّاً في البلاد، ولا يُسمَح ببعض أنواع الزّواج بين الأديان، ولا يوجد نصّ في القانون يخصُّ زيجات أتباع الديانات غير المعترف بها كالهندوسيّة والبهائية أو من لا دين لهم، أو أولئك الذين يريدون ببساطة إقامة مراسم زواج غير دينيّة؛ غير أنّ لبنان يعترف بالزيجات التي تمّت في الخارج ممّا أدّى إلى سلسلة طويلة لا تنتهي من الرّحلات عبر البحر للزّواج في قبرص.

في سنة 2012، قررت خلود سكرية ونضال درويش المولودان في طائفتين مختلفتين (السّنيّة والشّيعيّة) تحدّي القوانين السّائدة بدلاً من السفر إلى قبرص ليتزوجا، وكانت النّتيجة أولَ زواجٍ مدنيٍّ معترفٍ به رسمياً في لبنان. 22

وقد بدءا العمليّة بإزالة انتمائَيْهِما الطّائفيّ من وثائق هويتيهما، وهي خطوة أصبح القيام بها مسموحاً في لبنان منذ سنة 2009. ووفقاً لمرسوم يكاد يكون منسيّاً صدر سنة 1936 في عهد الانتداب الفرنسيّ أصبح نضال وخلود "خاضعين للقانون المدنيّ" بسبب عدم انتمائهما إلى أيّة طائفة دينيّة، غير أنّ ذلك أدخلهما في تجربة مجهولة بسبب افتقار لبنان لنسخةٍ علمانيّةٍ من قانون الأحوال الشخصيّة ذي الصّبغة الطّائفيّة، كما لا يوجد حالياً قوانين تخصّ الجوانب الأخرى من الزّواج المدنيّ كالميراث والطّلاق.

وقد كلّفا محامياً بصياغة عقد زواجٍ صحيحٍ قانونياً بالاستناد إلى وثائقَ عدّةٍ، بما في ذلك الدُّستور اللبناني والمادّة 16 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان (الحقّ في الزواج وتأسيس أسرة)، كما توجّب عليهما الحصول على استمارة موقّعة من رئيس البلديّة لإثبات أنّه لا مانعَ لزواجهما، وإعلانه على الملأ قبل 15 أيام من الزفاف أيضاً، لكن ما تزال هناك شكوك حول ما إذا كانت وزارة الداخليّة سوف تعترف بزواجهما رسميّاً.

أجّجت الأنباء عن الزواج المدنيّ النقاشَ مجدّداً حول نظام المحاصصة الطّائفيّة في لبنان، ففي حين أعلن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان دعمَه لهذا الزواج إلّا أنّ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أبدى معارضته له. ثم ما لبث أنّ انضمّ مفتي لبنان إلى الجدال، وهدّد بتكفير أيّ نائبٍ مسلمٍ في البرلمان، أو وزيرٍ في الحكومة إنْ أيَّدوا الزواج المدنيّ وقال:

"كلّ مسؤول مسلم، سواءً كان نائباً أم وزيراً ممن يدعم إضفاء الشرعيّة على الزواج المدنيّ، حتى لو كان مخيّراً، هو مرتدٌّ وخارج عن الدِّين الإسلاميّ... فهؤلاء المسؤولون لن يُغسّلوا ولن يكفّنوا ولن يصلى عليهم وفقاً للشّريعة الإسلاميّة ولن يُدفنوا في مقابر المسلمين." 23

وفي تهديدٍ واضحٍ بمقاومة أيّ تشريعٍ يسمح بالزواج المدنيّ، حذّر المفتي الشّيخ محمّد رشيد قبّاني من أنّ علماء الدِّين لن يتوانَوا عن القيام بواجبهم، وقال "هنالك متربّصون بشرعنا يحاولون زرع جرثومة الزواج المدنيّ في لبنان"، وقد ردّ النّائب المسيحيّ المارونيّ البارز سامي الجميّل مستنكراً تصريحات المفتي واصفاً إياها بأنّها تمثّل "انتهاكاً للدَّولة المدنيّة ولحق كلّ شخص لبنانيّ كما هو منصوص عليه في الدُّستور." 24

أصرّ رئيس الوزراء اللبنانيّ على أنّ "الزواج المدنيّ هو قضيّة حسّاسة ونحن لا نستطيع تحمّل الدّخول في جدال جديد في هذا البلد"، لكن في أبريل من سنة 2013 وبعد ما يقارب السّتّة أشهر من حفل الزفاف وافق وزير الداخليّة بالوكالة مروان شربل أخيراً على العقد مما جعل الزواج رسميّاً.

وفي أيلول التالي، أنجبت خلود سكرية ولداً أسمياه غدي الذي قيل أنّه أصبح أولَ طفل متحرّر من الطّائفيّة في لبنان، وقد رحّب الرَّئيس ميشيل سليمان بذلك بنشر تغريدة على موقع تويتر جاء فيها: "هنيئاً لنضال وخلود واللبنانيين بولادة غدي، أولِ مولودٍ يُسَجّل دون طائفة."

الفصل السابع


الإشعار القانوني

تمّ نشر هذا الكتاب لأول مرة باللغة الإنجليزية سنة 2014 تحت عنوان "Arabs Without God" وهو متوفر بنسختين ورقيّة والكترونية على موقع Amazon.com

ونُشرت الترجمة العربية للكتاب بموجب ترخيص Creative Commons) CC BY-NC-ND 4.0) ما يعني أنّ بالإمكان نسخها وتوزيعها في أيّ شكل، لكن لأغراض غير تجارية فقط. يمكن الاطلاع على الشروط والأحكام الكاملة هنا:

https://creativecommons.org/licenses/by-nc-nd/4.0/legalcode